الفصائل تصعّد بوجه السوداني كفى ممالأة لواشنطن المشرق العربي فقار فاضل الخميس 7 آب 2025 أعربت وزارة الخارجية الأميركية
الفصائل تصعّد بوجه السوداني: كفى ممالأة لواشنطن
المشرق العربي
فقار فاضل
الخميس 7 آب 2025
أعربت وزارة الخارجية الأميركية عن رفضها القاطع تشريع قانون «الحشد الشعبي» بصيغته الحالية (أ ف ب)
بغداد | في تطوّر لافت يعكس عمق الخلافات بين فصائل بارزة ضمن "الإطار التنسيقي" من جهة، ورئيس الحكومة محمد شياع السوداني، من جهة ثانية، أعلنت "كتائب حزب الله"، على لسان مسؤولها الأمني، "أبو علي العسكري"، وقف عملها في مشروع "طوق بغداد"، وتسليم مسؤولياتها هناك لقيادة "الحشد الشعبي"، بعد أيام من الاشتباكات التي وقعت قرب دائرة الزراعة في منطقة السيدية جنوب العاصمة. واعتبرت "الكتائب" تلك الاشتباكات، "فخّاً مُحكماً" لاستدراج عناصرها، متّهمةً أطرافاً في الأجهزة الأمنية، بالتنسيق مع مَن وصفتهم بـ"خَوَنَة الشيعة" و"ضبّاط فاسدين"، في إشارة إلى انزعاجها من إدارة الحكومة للملفّ الأمني.
وتعليقاً على ذلك، أفاد قياديون في فصائل المقاومة، "الأخبار"، بأن "التوتّر لم يبدأ مع حادثة السيدية، بل تصاعد منذ إعلان السوداني نيّته دعم تمرير قانون جديد لتنظيم الحشد الشعبي"، في خطوة اعتبرتها فصائل كـ"حزب الله" و"النجباء"، بمثابة محاولة لـ"تقويض استقلالية الحشد" و"تفكيكه"، عبر القنوات التشريعية. وكانت مصادر مطّلعة كشفت أن الحكومة اعتقلت بالفعل عدداً من عناصر "كتائب حزب الله"، على خلفية حادثة السيدية، لكنّ تهديدات غير مباشرة ووساطات فصائلية دفعت إلى إطلاق سراحهم سريعاً، ما فُسّر على أنه "تنازل حكومي تحت الضغط"، زاد من حدّة التوتّر القائم.
على أنه لا يمكن قراءة بيان "الكتائب" بمعزل عن تحوّلات كبرى تشهدها بيئة المقاومة في العراق، خصوصاً مع اقتراب الانتخابات، ومحاولة الولايات المتحدة فرض شروطها الأمنية مجدّداً. كذلك، يأتي البيان في وقت عاد فيه ملفّ الوجود الأميركي في العراق إلى الواجهة، مع تباطؤ السوداني في تنفيذ قرار البرلمان بإخراج القوات الأجنبية، وعدم اتّخاذ خطوات عملية لإنهاء هذا الوجود، وهو ما أثار امتعاض قادة المقاومة، الذين يَرَون أن الحكومة تمارس سياسة "المماطلة والمراوغة".
في المقابل، أعربت وزارة الخارجية الأميركية عن رفضها القاطع تشريع قانون "الحشد الشعبي" بصيغته الحالية، باعتبار أنه "يعزّز جماعات مسلّحة مرتبطة بإيران"، ما يضع السوداني بين مطرقة الضغوط الأميركية وسندان حلفائه الداخليين، علماً أن قيادات في "الإطار التنسيقي"، من مثل رحمن الجزائري، ترى في خروج القوات الأميركية عام 2026 "أمراً غير واقعي"، وأن تجديد الاتفاق الأمني مع واشنطن "خيار مطروح بقوّة".
يبدو أن العلاقة بين السوداني وفصائل المقاومة مقبلة على اختبار صعب
وفي خضمّ ذلك، تشهد صفوف الفصائل انقساماً واضحاً في شأن دعم السوداني في المرحلة المقبلة، خصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية. فبينما يدعو بعضها إلى تجديد الثقة برئيس الحكومة، ترى أخرى أن مواقف السوداني لا تصبّ في مصلحة "المشروع المقاوم"، وتخدم أجندة التوازن الإقليمي التي تروّج لها واشنطن. وعن ذلك، قال الباحث السياسي حسين الشمري، في حديث إلى "الأخبار"، إن "فصائل المقاومة تشعر بأن السوداني يقترب أكثر من واشنطن بذريعة الحفاظ على التوازن السياسي، لكنه في الواقع يسير نحو تسليم العراق بالكامل للنفوذ الأميركي، وهذا ما تخشاه تلك الفصائل، التي ترى أن المقاومة كانت ولا تزال هي الضامن الحقيقي للسيادة".
إلا أنّ ثمة مَن يرى في تصعيد "الكتائب" محاولة لفرض إرادتها بالسلاح؛ إذ اعتبر الكاتب والمحلّل السياسي المقيم في تركيا، أحمد الكبيسي، أن ما تقوم به الفصائل "لا يمتّ إلى المؤسساتية بصلة"، مضيفاً، في حديث إلى "الأخبار"، أن "الحكومة العراقية تحاول فرض سيادة القانون، وأيّ فصيل يرفض الانضواء تحت مظلّة الدولة، عليه أن يراجع خياراته. لا يمكن أن يبقى القرار الأمني بأيدي الجماعات المسلّحة، فهذا يهدّد السلم الأهلي ويقوّض فرص الاستقرار".
وفي ظلّ هذه المعادلة المعقّدة، يبدو أن العلاقة بين السوداني وفصائل المقاومة مقبلة على اختبار صعب، قد يغيّر شكل التحالفات قبل موعد الاستحقاق الانتخابي المقبل. وفي هذا الإطار، رأى القيادي السياسي، فاضل التميمي، أن "الحكومة واقعة، الآن، بين قوّتَين: فصائل تمتلك القدرة على الحشد والضغط الميداني، من جهة، وضغوط خارجية أميركية وأوروبية، من جهة أخرى، وكلتاهما تريدان من السوداني أن يحسم خياره. لكن أيّ انحياز مفرط، سيعيد البلاد إلى دائرة الصراع المفتوح، ولا أحد مستعدٌّ لتكرار سيناريو ما بعد 2011". وأضاف: "لا بدّ من إعادة ضبط العلاقة بين الحشد والدولة عبر قوانين عادلة وحوار مباشر لا عبر الاشتباكات والبيانات النارية، وهذا قد يكون خطراً على البلاد".
ان ما ينشر من اخبار ومقالات لا تعبر عن راي الموقع انما عن رأي كاتبها